مدونتي

حكايات التميز

المحور: التميز واتخاذ القرار

العنوان: حكايات التميز.. أبريل 2013

الكاتب: منى جواد سلمان

نشرت في كتاب نوادر إدارية 2021، رقم: 99

وقائع وأحداث مثيرة وممتعة تمر بنا خلال العمل مع المتميزين، تعتبر دروساً قيمة تصقل قدراتنا و تثري خبراتنا. إن الدروس المستفادة التي جنيتها شخصياً من عملي في إدارة التميز بوزارة التربية والتعليم دفعتني من خلال هذه النافذة إلى سرد حكايات التميز. فالمواقف كثيرة ومنوعة، مفرحة ومحزنة، آخرها مازال ماثلاً في ذاكرتي.

ففي أثناء تقييم طلبات الترشيح لفئة الطالب المتميز في إحدى الجوائز التربوية في الدولة، تم تصفية أفضل (24) مرشحاً للتصفيات الختامية، وتم التواصل مع أولياء الأمور لزف بشرى التأهّل في المرحلة الأولية، والبدء في تحسين طلب الترشيح على وفق ملاحظات لجان التحكيم والاستعداد للمرحلة التالية من التصفيات.

حضر أولياء الأمور فوراً لاستلام الملاحظات والسعادة تبدو على وجوههم بعد اجتياز المرحلة الأولية، ومن بين الحضور لفت انتباهي ولية أمر تخرج من المكتب وهي تمسح بدموعها!. رغم أنها تحمل بشارة خيرة في ترشيح ابنتها.

فاستوقفتها سائلة: هل هذه دموع الفرح؟!.. ففاجأتني بالنفي، و أن هذه دموع الحيرة والألم فقد تقدمت بترشيح توأمها، وتأهلت البنت دون الولد، ولا تعرف هذه الأم الحائرة كيف تخبر ابنيها التوءم أن واحداً منهما ترشح للمنافسة على مستوى الدولة بينما الآخر لم يحالفه الحظ؟!

هدّأتُ الأم وتوجهتُ إلى أعضاء لجان التحكيم استفسر عن الفارق بين درجات التوءم، وذلك بصفتي رئيساً للجان التحكيم، فوجدتُ فارق الدرجات ضئيلاً جداً، ولكن التنافس بين الطلبة المرشحين كان شديداً الأمر الذي أدى إلى تأهّل أحدهما دون الآخر.

وقفت أمام الأم حائرة، كيف أوجه لها الحلول البديلة لمواجهة الموقف؟ وأنا على يقين تام أنني لو كنت في مكانها لما استطعت أن أواجه حفيدتاي التوءم بمثل هذا الخبر، فأنا أعلم جيداً كيف تكون أوضاع التوءم في أيّ منزل. وهنا اتخذت قراراً سريعا باستثناء الطفل الثاني ومنحه فرصة المشاركة في المنافسة على مستوى الدولة، وأوضحت للأم أنها تحظى بفرصة يجب أن تستثمرها من خلال تحسين طلب الترشيح وإعادة النظر في ترتيب بعض مستندات الملف وفق معايير الجائزة.

مُنِح الطالب فرصة وكان أهل لها.

ففي يوم إعلان النتائج كانت المفاجأة السّارة بفوز الأخوين التوءم بالجائزة فئة الطالب المتميز من التعليم الخاص. شعرتُ حينها كمن يهب الحياة لمن فقدها. وتعلمتُ أن العمل مع التميز والمتميزين لا يقبل حدود قطعية، أو تصلب الرأي، وإن بعض المرونة قد تصنعاً فارقاً ضخماً